الفنان آدم حنين اسم مضيء في تاريخ الحركة الفنية المصرية المعاصرة، نحات قدير ومصور متفرد. هو واحد من أبرز النحاتين المصريين المعاصرين الذين أعادوا إحياء فن النحت المصري بداية من فترة الخمسينيات في القرن العشرين، ويُعدُّ من أشهر الفنانين التشكيليين المصريين المعاصرين دوليّا. نجح من خلال رحلته الفنية الطويلة في ربط خياله بواقعه، من خلال أعماله الفنية التي شكلت عالمًا سحريّا يغري بالولوج فيه.
بدأت صلته بفن النحت في طفولته أثناء رحلة مدرسية للمتحف المصري عندما كان صغيرًا، يومها وقف مشدوهًا أمام تمثال إخناتون. في اليوم التالي أخذ قطعة من الصلصال من المدرسة، وصنع تمثالاً مطابقًا لتمثال إخناتون؛ وعندما رآه والده الذي كان يعمل صائغًا افتخر به حتى إنه وضعه في فاترينة محله.
درس آدم حنين النحت بكلية الفنون الجميلة بالقاهرة، ثم حصل على منحة تفرغ بمرسم الأقصر لمدة عامين؛ وهو ما كان له أكبر تأثير في شخصيته الفنية فيما بعد. بعد ذلك في عام 1959م، سافر إلى ميونخ لاستكمال دراسته؛ وفي عام 1960م، حصل على منحة تفرغ. سافر للإقامة بالنوبة في الفترة من عام 1963م إلى 1969م؛ وفي عام 1971م، سافر إلى باريس للمشاركة في معرض للفن المصري المعاصر في متحف لاجاليريا فأقام بها 25 عامًا. وعاش طوال هذه الفترة يعمل كنحات فقط، استمر خلالها في مشواره الإبداعي وشارك في العديد من المعارض في دول عديدة، وكان مُحكمًا في بعض المسابقات الفنية. وفي عام 1991م، شارك في عملية ترميم تمثال أبي الهول، وعاد لمصر عام 1996م لينشئ سيمبوزيوم أسوان للنحت؛ وفي عام 1998م، حصل على جائزة الدولة التقديرية.
تتنوع خامات أعمال آدم حنين بين الجبس والفخار الزلطي والحجر والبرونز، وتتباين أحجامها وتنزع إلى التجريد وتبسيط الملامح والتماسك بين العناصر، والتركيز في الجوهر والسكون والرصانة والعاطفة والدقة البالغة في إبراز الأسطح؛ عن طريق تأكيد تباين الضوء والظل، والتمكن في التعامل اللوني مع الأسطح وعلاقة الخطوط الخارجية للتمثال بالفراغ المحيط، وتدور حول معانٍ مجردة؛ مثل التنوير والأمومة والصعود.
في عام 2010م، أهدى لمكتبة الإسكندرية مختارات من أعماله بين لوحات لتلوين تجريدي على ورق البردي بالأكاسيد الطبيعية؛ مثل الحديد والكروم والمنجنيز مخلوطة بالصمغ العربي، ولتماثيل البرونز منها تمثال المحارب والقارئة، وتماثيل أخرى تجسد ببلاغة حركات طيور وحيوانات، معروضة كلها بشكل يسمح لزوار المكتبة بتأملها والتمتع بقيمتها التشكيلية الرفيعة، والتعرف على تجربة فريدة في تاريخ الفن المصري الحديث، وفي ذات الوقت تثير خيالهم وحماسهم لممارسة الفن.
أنشأ الفنان آدم حنين متحفه الخاص في قرية الحرانية على أطراف القاهرة، ليضم خلاصة إبداعه الفني على مدى مختلف مراحل حياته. وهو مكان كواجهة للفن والتأمل، ويُعدُّ قبلة لكل مهتم بالفن التشكيلي في مصر؛ لتفرده وغناه وأصالته. استكمل الفنان آدم حنين سيرته بإرساء مؤسسة تعمل باسمه، لها هيكل تنظيمي معتمد لاستكمال الحفاظ على تاريخه الفني، ودعم فن النحت في المجتمع. ومن هنا كان إنشاء جائزة آدم حنين لفن النحت للنحاتين الشباب المصريين والعرب، التي تم منها عدة دورات حتى الآن بنجاح مبشر وتنبئ بمستقبل واعد للنحت في مصر. وهو من أهم أهداف الفنان آدم حنين ومؤسسته بتوجيه الشباب وتعريفهم أهمية الفن الذي نشأ في أرض مصر، وبرع فيه أجدادهم القدماء.
إن المجموعة المختارة في هذا العرض هي نماذج من أعمال الفنان المبدع آدم حنين، التي نفذها أو بلور فكرتها خلال فترة إقامته بالعاصمة الفرنسية باريس، في الفترة من سنة 1971م إلى 1996م. وتأتي أهمية هذه المجموعة، أن معظم عناصرها لم تُعرض من قبل، وتمثل لنا نافذة على فن آدم حنين بالغ التنوع في بساطة غنية.
ومن خلال هذا المعرض، تشارك مكتبة الإسكندرية مؤسسة آدم حنين للفن التشكيلي، في الاحتفال بمرور 10 سنوات على افتتاح متحف آدم حنين في الحرانية بالجيزة.